شركة المساهمة المبسطة

شركة المساهمة المبسطة

كان الإعلان عن إطلاق “رؤية المملكة 2030" بمثابة الحجر الذي حرك المياه الراكدة، وفي الوقت نفسه كان إشارة على إحداث تغييرات في مسار الاقتصاد الوطني في المملكة العربية السعودية، فمنذ اليوم الأول لإطلاق الرؤية توالت التحديثات والتعديلات على الأنظمة والقوانين لتمهيد الطرق وتذليل العقبات أمام كل من القطاع الخاص والأجانب لزيادة حصتهما في الناتج المحلي من ناحية وتلبية احتياجات ومتطلبات رواد الأعمال من ناحية أخرى.

ومن أهم الخطوات التي تم اتخاذها في هذا الصدد نظام الشركات الجديد الذي بدأ العمل بها في يناير 2023 والذي جاء ليعالج الصعوبات التي ظهرت لدى الشركات ومجتمع الأعمال، بهدف تيسير الإجراءات والمتطلبات النظامية لتحفيز بيئة الأعمال ودعم الاستثمار، وتم فيه استحداث شكل جديد للشركات باسم "شركة المساهمة المبسطة" ليلبي احتياجات ومتطلبات ريادة الأعمال ويشجع على نمو رأس المال الجريء، وهو نمط عالمي جديد يتناسب مع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، حيث يتسم بمزايا ومرونة عالية.

فكرة الشركة المساهمة المبسطة:

تُعد شركة المساهمة المبسطة من أحدث أشكال الشركات ظهورا في العصر الحديث، على مستوى العالم، فعلى سبيل المثال: تم إقرار هذا النوع من الشركات في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2017م، وتعد السعودية من أوائل الدول إقليمياً وثاني الدول عربياً، بعد دولة المغرب، في تبنيها لهذه النوع من الشركات، كأحد الأشكال النظامية المتاحة في بيئتها التجارية.

 التعريف بالشركة المساهمة المبسطة:

هي نوع من أنواع الشركات التي تم استحداثها في نظام الشركات الجديد والتي أورد لها باباً كاملاً (الباب الخامس) لشرح طريقة عملها والنصوص التي تنظمها، وتسري على شركة المساهمة المبسطة أحكام الشركات المساهمة فيما لم يرد به نص خاص لها، وبما يتفق مع طبيعتها، ويكون تأسيسها من شخص واحد أو أكثر من ذوي الصفة الطبيعية أو الاعتبارية، وينقسم رأس مالها إلى أسهم قابلة للتداول، وتكون الشركة وحدها مسؤولة عن الديون والالتزامات المترتبة عليها أو الناشئة عن نشاطها، وتقتصر مسؤولية المساهم على أداء قيمة الأسهم التي اكتتب فيها مما يوفر حماية للمساهمين في أموالهم الخاصة عن ديون والتزامات الشركة عدا ما نص عليه النظام من حالات استثنائية.

مميزاتها:

إن من أهم المزايا التي نص عليها النظام في شكل شركة المساهمة المبسطة هي عدم سريان متطلب الحد الأدنى لرأس المال المقرر لشركة المساهمة على شركة المساهمة المبسطة حسب ما ورد في الفقرة الثانية من المادة 139 من النظام، وعليه يمكن تأسيسها دون حد أدنى لرأس المال مما يتيح ويشجع رواد الأعمال وأصحاب الشركات الناشئة اختيار هذا الشكل من الشركات والاستفادة من مزاياه.

ومن مميزات شكل الشركة المساهمة المبسطة أنها تجمع بين مزايا الشركات المساهمة، وتعفي في نفس الوقت مؤسسيها من الالتزام ببعض النصوص النظامية الخاصة الشركات المساهمة التي قد تكون مرهقة ومكلفة في تطبيقها خاصة للشركات الناشئة، ومن ذلك ما يتصل بحوكمة الشركة وتشكيل لجانها أو مجلس إدارتها، حيث أتاح النظام الحرية للمساهمين في الشركات المساهمة المبسطة الحرية في الاختيار بين مدير أو أكثر أو مجلس إدارة لإدارة الشركة، كما أضاف النظام مساحة من الحرية في صدور قرارات المساهمين بين قرارات لا تستدعي وجود جمعيات وقرارات أخرى قد تحتاج إلى جمعية، وأعطى النظام المساهمين الصلاحية عبر نظام الشركة الأساس  في تحديد النصاب اللازم لصحة اجتماعات المساهمين وصدور قراراتها، علاوة على منح المساهمين صلاحية إصدار قرارات بالتمرير دون الحاجة لعقد اجتماع للجمعية في بعض المسائل ، وفي هذه الحالة، يرسل رئيس الشركة أو مديرها أو مجلس إدارتها بحسب الأحوال، القرار المقترح والوثائق ذات العلاقة به إلى جميع المساهمين، مع بيان ما يتعين على المساهم اتباعه للموافقة عليه والتاريخ الذي يتعين فيه صدوره، كما منح قلص النظام الفترة بين دعوة الجمعية وانعقادها إلى خمسة أيام على الأقل، مما يعطي المساهمين المساحة في دعوة الجمعية حتى قبل وقت قصير من انعقادها، وسرعة اتخاذ القرارات الداخلة في اختصاصها.

كما تتميز الشركات المساهمة المبسطة بأن النظام قد أعطى المساهمين فيها الصلاحية والحرية في تنظيم هيكلة الشركة وطريقة عملها من خلال النظام الأساس للشركة، كما حدد النظام ما يجب أن يشتمل عليه نظام الشركة المساهمة المبسطة الأساس وأضاف في الفقرة الأخيرة منه (" ل. أي أحكام أو شروط أو بيانات أخرى يتفق المؤسسون أو المساهمون على تضمينها في نظام الشركة الأساس ولا تتعارض مع أحكام النظام.")، ونص النظام أيضاً على جواز اشتراط أو وضع قيود معينة للتصرف على الأسهم في نظام الشركة الأساس، ومن ذلك: شرط الحصول على موافقة باقي المساهمين قبل التصرف في الأسهم، لكن قد يكون المنع في التصرف بشكل مطلق هو أمر غير قابل للتطبيق أو قد يكون محل نزاع بين المساهمين مستقبلاً.

وفي تسوية المنازعات نصت المادة 153 على: (" أنه فيما عدا الأفعال الجنائية، يجوز أن ينص في نظام الشركة الأساس على تسوية المنازعات أو الخلافات أياً كانت طبيعتها التي قد تقع بين المساهمين أو بين الشركة ورئيسها أو مديرها أو أي من أعضاء مجلس إدارتها -بحسب الأحوال- باللجوء إلى التحكيم أو غيره من الوسائل البديلة لتسويتها").

ويؤكد كل ما سبق على أن العمل بنظام شركة المساهمة المبسطة يُعد نقلة نوعية لمجاراة التغيرات التي طرأت على المملكة بعد إقرار رؤيتها للعام 2030، حيث توفر الإجراءات الميسرة لهذا النوع من الشركات يساعد على تحفيز الاستثمار بالمملكة ويساعد في الدفع بعجلة النمو الاقتصادي في المملكة.